بقلم:نزار الجليدي
تخطط كتلة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لحلّ البرلمان والاستعداد لانتخابات تشريعية سابقة لآوانها،بعد 5 أشهر فقط على انتخاب المؤسسة التشريعية، ويأتي ذلك على خلفية البون الشاسع في المجلس بين حزب الرئيس ونواب المعارضة، حيث فقد ماكرون أغلبيته المطلقة أثناء الانتخابات التّي انتظمت في شهر جوان الفارط، فرغم فوز ماكرون في الانتخابات الرئاسية إلاّ أنه لم يتمكّن من امتلاك الكتلة البرلمانية الأقوى مثلما كان الشأن في عهدته الأولى.
الرئيس الفرنسي ووزيرته الأولى إليزابيث بورن لم ينجحا حتى اللحظة في تغيير المشهد السياسي الفرنسي، في ظلّ عيشهم في عزلة كبيرة، خاصة مع غياب كتلة برلمانية قوية في مجلس النواب الفرنسي، مع وجود تقاطعات بين أقصى اليمين وأقصى اليسار وحزب الرئيس، لذلك فإنّ القرار المتداول في الكواليس الآن يتمثل في التحضير الجيّد لإنتخابات تشريعية سابقة لآوانها، قد تتمكّن من اسعاف المشهد الفرنسي المترهّل.
ويتمظهر ترهل هذا المشهد داخليا في المظاهرات المنتظمة بسبب التهاب الأسعار والمطالبة بتسويتها، ومشكل الطاقة، بالإضافة إلى عديد التراكمات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، هذا إلى جانب الترهّل الديبلوماسي الذّي تعانيه السياسية الفرنسية بعد انضمامها للموقف الأمريكي فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية.
هذا الموقف تدفع السياسة الفرنسية ثمنه غاليا مع تواصل غضب الشارع الفرنسي، رغ الفتات الذّي تقدّمه الحكومة لشعبها في هذه الفترة، لكنّ التدفئة تأخرت كثيرا ولم تصل حتى الآن للبيوت الفرنسية مع بداية فصل الشتاء الذّي يبدو أنّه سيكون شديد البرودة، وهو ما يجعل من مشكل الطاقة وخزينتها أهم مايشغل الفرنسيين حاليا، خاصة مع تأكّدهم من أنّهم يدفعون من ضرائبهم للسلاح الموجّه نحو أوكرانيا في ظل حرب غير معلومة مع فلاديمير بوتين.،وذلك ما جعل من حزب “النهضة” الذي أسسه ماكرون يعرب عن استعداده لصرف كل أموال تركة الحزب والمقدّرة بـ40 مليون أورو.
وهذا مايجعل مت الرئيس ماكرون في حلجة إلى بدعة سياسية إلى بعد أن قسم ظهر التحالفات، ولا توجد أمامه خيارات عديدة عدى حلّ البرلمان والتوجّه نحو انتخابات سابقة لآوانها، وهو مشهد لم تعش على وقعه فرنسا منذ سنوات.
*فهل ذلك بعني بداية عودة النخب الحقيقة من المجتمع المدني والنقابات واليسار الذّي أصبح يلتقط بعض الأنفاس للعودة للمشهد السياسي ؟ أم أنّ ماكرون استشعر النموذج التونسي القريب في حل البرلمان دون خطة مستقبلية واضحة في ظل واقع داخلي وخارجي متشنّج؟